في ظل التهديدات النووية.. هل ستتمكن فنلندا من الصمود؟

تعتبر العاصمة الفنلندية، هلسنكي، في وضع جيد في حال وقوع هجوم نووي، في ظل وجود ملاجئ جاهزة تحت الأرض، ولا تشكل نوعاً من الأمان فحسب، بل تسعى أيضًا إلى توفير بعض الأمور الطبيعية لأولئك الذين يجبرون على البحث عن ملاذ.
وبحسب صحيفة “ذا ناشونال” الإماراتية، “أدى الغزو الروسي لأوكرانيا، وطلب فنلندا لعضوية حلف شمال الأطلسي (الناتو)، والمخاوف من تهديدات الدمار الشامل، إلى دفع المواطنين في عاصمتها إلى تحضير الملاجئ استعداداً لما قد يحدث في المستقبل القريب. قامت فنلندا، منذ عام 1945، ببناء ما يكفي من المخابئ لإيواء 4.4 مليون شخص، أي ما يعادل مليون شخص فقط من إجمالي عدد سكانها. قال بيتري بارفياين، رئيس وحدة الدفاع المدني في هلسنكي، الذي تحدث من على عمق 20 مترًا تحت السطح في غرفة كهفية منحوتة من حجر الأساس الفنلندي الذي يبلغ عمره 1.8 مليار عام، “لم يهتم المواطنون بالملاجئ منذ عقود، وعادة ما يستخدمونها كمخزن، لكن حرب أوكرانيا في الحقيقة جعلتهم يفكرون بتجهيزها من أجلهم ومن أجل عائلاتهم”. من حيث يقف بارفيان، يوجد خلفه باب معدني سميك كبير مصمم لتحمل انفجار قنبلة نووية، وخلف هذا الباب مجموعة أخرى من الأبواب التي تؤمن للكهوف الموجودة تحت الأرض حماية من الإشعاع والمواد الكيميائية”.
وتابعت الصحيفة، “يقع مخبأ “ميريهاكا” في الجزء السفلي من هلسنكي وعلى بعد 150 كيلومترًا من الحدود الروسية، ويتم الدخول إليه عبر هيكل زجاجي مربع في ساحة مرصوفة. يحتوي على مصعد إلى جانب خمسة مستويات من السلالم الفولاذية العريضة. في حالات الطوارئ، يمكن ملء المخبأ بسعة 6000 شخص في حوالي 20 دقيقة. ويتطلب الأمر 10 دقائق أخرى لمتطوعي الدفاع المدني لإغلاق الأبواب. يوجد داخل الملجأ ما يكفي من الماء لمدة ثلاثة أسابيع، لكن لا يوجد طعام. تعد شبكة المخبأ جزءًا من التخطيط الدفاعي الشامل لفنلندا والذي يضم جيشًا قوامه 240 ألف جندي وأكبر مخزون مدفعي في أوروبا. كما أنها تعتمد على معلومات استخبارية عسكرية موثوقة، والتي من المأمول أن تعطي الناس إشعارًا قبل 72 ساعة من الأعمال العدائية بالإضافة إلى التحذير من هجوم وشيك. في تلك المرحلة، ستطلق صافرات الإنذار الأربعون المتمركزة حول هلسنكي إشارة إلى مواطنيها البالغ عددهم 650 ألفًا – جنبًا إلى جنب مع عشرات الآلاف من السياح والمسافرين من خارج المدينة – للاختباء في الملاجئ التي تتسع لـ 900 ألف شخص. قال تومي راسك، من وحدة الدفاع المدني، أثناء استضافته جولة للصحافة الدولية، “إذا تلقينا تحذيرًا عامًا، سنقوم بنقل هذه المعلومات للمواطنين إما عبر صفارات الإنذار أو تطبيق 112 بهدف الانتقال إلى أقرب ملجأ”. وتابع قائلاً: “عندما يصبح الأشخاص داخل الملجأ، يتم إغلاق الأبواب والملجأ محصن ضد أي مواد خطرة. بعد ذلك، تختلف الأوضاع القيادية حسب التهديد. يتم إخطار موظفي الملاجئ بموعد الانتقال إلى وضع الترشيح الإشعاعي. يستغرق إغلاق الملجأ من 10 إلى 15 دقيقة والانتقال إلى وضع الإيواء الكامل”.”
وأضافت الصحيفة، “ويشير راسك إلى مدخل الطريق الذي يسمح حاليًا للسيارات بالوقوف في أحد الكهوف، حيث تعمل منحنياته على تبديد ضغط الانفجار، في حين أن أبوابها المزدوجة “تمنع هجوم الكيماويات السامة والأسلحة ذات الصلة بالغاز”. قام راسك بالنقر على الحائط بشكل مطمئن، وقال: “هذا الملجأ جيد حقًا ضد الهجمات النووية والأسلحة الكيماوية ويمكن أن يستوعب حجر الأساس الكثير من الإشعاع”. ويضم ملجأ “ميريهاكا” حاليًا منطقة لعب للأطفال – ربما تكون الأكثر أمانًا في العالم – مقهى وثلاثة ملاعب للهوكي بجانب موقف للسيارات. كما أنه يتضن أسرّة تتسع لـ 2000 شخص للنوم لاستخدامها في نوبات عمل مدتها ثماني ساعات، ومراحيض ومرافق غسيل. يتوقع من المواطنين إحضار طعامهم وأدويتهم وأكياس النوم الخاصة بهم. على مدى عقود، تجاهل معظم الفنلنديين اختبارات صفارات الإنذار الشهرية التي تصدر في أول يوم اثنين من كل شهر. ولكن في آخر ثلاث مناسبات، استولت هذه الصفارات على اهتمام أكبر. ومع ذلك، على عكس العديد من العواصم الأوروبية الأخرى، يعرف الهلسنكيون أن هناك ملاذًا آمناً تحت الأرض ليحميهم في حال تعرضهم لخطر كبير. وقال راسك: “من واجبنا أن نشرح للجمهور أن لدينا تدابير ضد معظم التهديدات التي قد تحدث”. وقال بارفياين: “تذكروا، فنلندا على أتم الاستعداد”.”
ترجمة رنا قرعة _لبنان ٢٤