الاقتصاد العالمي يواجه مخاطر جيوسياسية متزايدة خلال 2024
تجري الانتخابات في الديمقراطيات القوية في ظل تصاعد عدم الثقة في الحكومات، ووانقسام الناخبين بشدة، ووجود قلق عميق ومستمر بشأن الآفاق الاقتصادية كما تقول صحيفة “نيويورك تايمز”.
وحتى في البلاد التي لا تُعَد الانتخابات فيها حرة أو نزيهة، فإنَّ القادة حساسون تجاه “صحة الاقتصاد”. ولعل القرار الذي اتخذه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هذا الخريف بمطالبة المُصدِّرين بتحويل العملات الأجنبية إلى الروبل قد اتُّخِذَ وعينه على تدعيم الروبل وخفض الأسعار في الفترة السابقة على الانتخابات الرئاسية في روسيا في آذار المقبل.
سيحدد الفائزون قرارات وسياسات حاسمة تؤثر على دعم المصانع، والإعفاءات الضريبية، ونقل التكنولوجيا، وتطوير الذكاء الاصطناعي، والضوابط التنظيمية، والحواجز التجارية، والاستثمارات، وتخفيف الديون، ونقل الطاقة.
ويمكن أن يؤدي إحراز سلسلة من الانتصارات الانتخابية التي تحمل الشعبويين إلى السلطة إلى دفع الحكومات نحو فرض قيود أكثر صرامةً على التجارة والاستثمار الأجنبي والهجرة. وقالت دياني كويل، أستاذة السياسة العامة بجامعة كامبريدج البريطانية، إنَّ سياسات كهذه يمكن أن تدفع الاقتصاد العالمي نحو “عالم مختلف تماماً عن ذلك الذي اعتدنا عليه”.
حقبة سياسية جديدة ستنعكس بقوة على الاقتصاد العالمي
قارن الكثير من الاقتصاديين الأحداث الاقتصادية الأخيرة بتلك التي وقعت في السبعينيات، لكنَّ العقد الذي تقول كويل إنَّه يتبادر إلى الذهن هو عقد الثلاثينيات، حين أسهمت الاضطرابات السياسية والاختلالات المالية في “تعزيز الشعبوية وتراجع التجارة، ثُمَّ السياسة المتطرفة”.
تُعَد الانتخابات في الهند هي أكبر انتخابات في العام المقبل. والهند هي صاحبة أسرع اقتصادات العالم نمواً حالياً، وهي تعمل على التنافس مع الصين على مكانة أكبر مركز للتصنيع في العالم. ويمكن لانتخابات الرئاسة التايوانية في كانون الثاني المقبل أن تُصعِّد التوترات بين الولايات المتحدة والصين. وفي المكسيك، سيؤثر التصويت على نهج الحكومة تجاه الطاقة والاستثمارات الأجنبية. ويمكن لوصول رئيس جديد في إندونيسيا أن يحدث تغييراً في السياسات المتعلقة بالمعادن المهمة مثل النيكل.
وستكون الانتخابات الرئاسية الأميركية، بطبيعة الحال، هي الأهم، وبمسافة كبيرة، بالنسبة للاقتصاد العالمي. ويؤثر التنافس الآخذ بالاقتراب بالفعل على صنع القرار. فالأسبوع الماضي اتفقت واشنطن وبروكسل على تعليق التعريفات الجمركية على الحديد والألومنيوم الأوروبي وعلى النبيذ والدراجات النارية الأميركية حتى ما بعد الانتخابات.
عشرات الدول ستتخلف عن سداد ديونها والنمو سيستمر بالزحف
ومع استمرار العالم في الانقسام إلى تحالفات غير مستقرة وتكتلات متنافسة، يُرجَّح أن تُخيِّم المخاوف الأمنية على القرارات الاقتصادية بصورة أكبر مما حدث حتى الآن.
وقد كثَّفت الصين والهند وتركيا شراء النفط والغاز والفحم الروسي بعدما قلَّصت أوروبا بصورة حادة مشترياتها عقب غزو موسكو لأوكرانيا. في الوقت نفسه دفعت التوترات بين الصين والولايات المتحدة واشنطن إلى الرد على سنوات من الدعم القوي الذي قدَّمته بكين للقطاع الصناعي، من خلال تقديم حوافز ضخمة للمركبات الكهربائية، وأشباه الموصلات، وغيرها من المواد التي تُعتَبَر ضرورية للأمن القومي.
وتُعَد الهجمات بالطائرات المُسيَّرة والصواريخ الباليستية من جانب الحوثيين المدعومين من إيران في البحر الأحمر إشارة أخرى على التشرذم المتزايد.
التوتر يتصاعد في البحر الأحمر
قال كلاوس فيستيسن، كبير الاقتصاديين المتخصصين بمنطقة اليورو في شركة Pantheon Macroeconomic، إنَّ تأثير الهجمات كان محدوداً حتى الآن. وأضاف: “من منظور اقتصادي، لا نشهد زيادة كبيرة في أسعار النفط والغاز”، ولو أنَّه أقرَّ بأنَّ هجمات البحر الأحمر هي “نقطة الاشتعال الأكثر وضوحاً على المدى القريب”.
مع ذلك فإنَّ لحالة عدم اليقين بالفعل تأثيراً مثبطاً على الاقتصاد؛ إذ تميل الشركات إلى تبنّي نهج لننتظر ونر ما يتعلَّق بالاستثمارات والتوسع والتوظيف.
لبنان ٢٤
تابع كل المواضيع و الأخبار التي تهمك الان على واتساب اضغط على الرابط التالي https://n247.co/wp