أين الدولة من شريعة الغاب والسلاح المتفلت في طرابلس؟

مرة جديدة، تُسجَّل في لبنان حادثة مأساوية نتيجة انتشار السلاح المتفلت، وهذه المرة في مدينة الميناء، حيث وقع إشكال مسلح أودى بحياة فادي محرمجي وابن شقيقته عمر جبك، فيما سقط عدد من الجرحى وسط حالة من الغضب والتوتر الشعبي.
من خلاف وظيفي إلى اشتباك مسلح!
بحسب المعلومات، اندلع الإشكال بسبب خلاف على انتقال أحد الموظفين من مطعم يملكه فادي محرمجي إلى مطعم آخر افتتح حديثًا يعود لعائلة جنزرلي. هذا الخلاف الذي يُفترض أن يُحل بالحوار أو حتى بالقضاء، تطور سريعًا إلى تصادم، ثم إلى تبادل لإطلاق النار في غرفة مولدات عاصم المحمد، ليسقط على إثره قتيلان وعدة جرحى.
فادي محرمجي وعمر جبك نقلا إلى مستشفى الإسلامي بحالة حرجة، لكن إصابتهما البالغة أدت إلى وفاتهما، في مشهد مؤلم يدمي القلوب. رحل الشابان ضحية غدر السلاح المتفلت، تاركين وراءهم عائلات مفجوعة، وأحبابًا لم يستوعبوا بعد هول الصدمة. كيف يمكن لأمٍّ أن تتحمل خبر فقدان ابنها بهذه الوحشية؟ وكيف لأبٍ أن يودع فلذة كبده بسبب طلقات طائشة لا ترحم؟ قلوبنا مع ذويهم في هذه المصيبة الثقيلة، سائلين الله أن يلهمهم الصبر والسلوان.
فيما يرقد في المستشفى كل من عاصم المحمد وبشير رومية وبدر رومية، وقد وصفت حالاتهم بالمستقرة، بينما يخضع يحيى السبع لعملية جراحية في مستشفى المنلا، إضافة إلى جريح مجهول الهوية في مستشفى النيني.
“شريعة الغاب” بدل القانون
المؤسف في هذه الحادثة أنها ليست الأولى ولن تكون الأخيرة في بلد باتت فيه لغة السلاح هي الحكم بين الناس، حيث يتم اللجوء إلى القوة لحسم أبسط الخلافات، وكأننا نعيش في زمن “شريعة الغاب”، حيث لا مكان للدولة ولا اعتبار للقانون، بل القوة لمن يحمل السلاح أكثر.
أين الدولة من هذا الانفلات؟
الأسئلة التي يطرحها المواطنون اليوم تتكرر بعد كل حادثة: أين الدولة من كل هذا السلاح المتفلت؟ كيف يمكن أن يتحول خلاف بين أفراد إلى مجزرة في وضح النهار؟ ولماذا يبقى الفاعلون غالبًا بلا محاسبة حقيقية؟
الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية حضروا بكثافة إلى مكان الحادث في محاولة للسيطرة على الوضع، لكن هل يكفي هذا التدخل بعد سقوط الضحايا؟ أم أن المطلوب هو معالجة جذرية لمشكلة السلاح المنتشر في كل زاوية، والذي يحول المدن والأحياء إلى ساحات حرب؟
الرعب مستمر.. والخوف من التصعيد
بعد انتشار خبر الحادثة، شهدت محيط المستشفيات الثلاثة التي نقل إليها الجرحى والضحايا حالات غضب وغليان، ما يثير المخاوف من أن تتفاقم الأمور أكثر في الأيام المقبلة.
إذا لم تتحرك الدولة بجدية لضبط انتشار السلاح غير الشرعي وفرض سيادة القانون، فإن مثل هذه الحوادث ستتكرر، وستظل أرواح الأبرياء تُزهق بدم بارد نتيجة غياب المحاسبة وضعف سلطة الدولة. فإلى متى يبقى المواطنون رهائن لهذا الواقع الدموي؟ وأين الجهات المعنية من مسؤولياتها؟!
نترك لكم هذا الفيديو الحزين للحادثة: