على غرار إيران.. “قنبلة ذرية” تتدحرج على روسيا والآثار خطيرة

حذر خبراء من إقدام الغرب على عزل روسيا من نظام “سويفت” العالمي، مشبّهين التداعيات الناجمة عن هذا الإجراء بمثابة “قنبلة ذرية” تضرب أسواق المال العالمية ككل.

 

وقدم أعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي، الأسبوع الماضي، مسودة عقوبات جديدة ضد روسيا، تشمل قيودًا على “مقدمي خدمات نظام “سويفت” لروسيا.

 

وبحسب محللين فإن “سويفت” هو أصعب خيار غربي لأسواق المال الروسية والدولية؛ إذ أنه كفيل بعزل الكرملين عن العالم ماليا، كما سيكلف الغرب وبخاصة واشنطن وبرلين ثمنا فادحا.

 

لماذا نظام سويفت؟

 

وتدور مناقشات بأروقة السياسة الغربية، خلال الأيام الماضية، حول هذا السيناريو الذي يتمثل في إزالة روسيا من نظام سويفت (SWIFT) الدولي المالي، الذي لا بديل له عالميا حتى الآن.

 

وجمعية الاتصالات المالية بين البنوك “سويفت” هي شبكة اتصالات مصرفية عالمية تربط آلاف البنوك والمؤسسات المالية حول العالم.

وتأسست في 1973 ومقرها بلجيكا من جراء نمو حجم التجارة الدولية، وتضم 209 دول من بينها معظم الدول العربية.

 

وحاليا يستخدمها أكثر من 11 ألف مؤسسة مالية حول العالم، إذ تتبادل رسائل آمنة وأوامر بدفع الأموال في بيئة موحدة وموثوقة.

 

وبحسب اقتصاديين فعزل روسيا عن نظام “سويفت”، سيجعل من المستحيل تقريبا على مؤسساتها المالية إرسال الأموال لداخل البلاد أو خارجها.

 

كذلك، فإن هذا سيؤدي لأزمة كبيرة للشركات الروسية وعملائها الأجانب فيما يتعلق بمشتريات وصادرات النفط والغاز.

 

تهديدات مستحيلة

 

وقدّر وزير المالية الروسي السابق أليكسي كودرين، في وقت سابق، أن ذلك سيؤدي إلى انكماش الاقتصاد الروسي بنسبة 5 بالمئة.

 

وعبر “سويفت”، يمرّ سنوياً قرابة 4 مليارات صفقة مدفوعات، ومبالغ يومية تقدر بتريليونات الدولارات، حتى أصبح يتحكم بمجمل المدفوعات المالية العالمية.

 

ومن تبعات عزل روسيا، إحداث تقلبات بسوق العملة، فضلا عن تدفق رأس المال للخارج، تقول ماريا شاغينا، الباحثة في المعهد الفنلندي للشؤون الدولية.

 

لكن الولايات المتحدة وألمانيا بدورهما، ستخسران الكثير أيضا؛ لأن بنوكهما أكثر اتصالاً بـ”سويفت” مع البنوك الروسية، وفقًا لحديث “شاغينا” لشبكة “سي إن إن” الأميركية.

 

يشبه قنبلة ذرية

 

ومتفقا معها، من موسكو يقول أشرف الصباغ، المختص بالشأن الروسي إن المطالبات بفصل روسيا عن هذا النظام يأتي في إطار التهديدات المستحيلة، أو الافتراضات غير الممكنة.

 

ويحذر في تصريحات خاصة لموقع “سكاي نيوز عربية” من تبعات القرار، الذي قدره بـ”انفجار قنبلة ذرية” بأسواق المال والسلع والخدمات والتعاملات البنكية، بل سيشل المنظومة المالية العالمية، لأنه “سيقصم ظهر حركة المدفوعات الدولية”.

 

ومن ضمن المخاطر الأخرى لعزل موسكو، زعزعة استقرار الأسواق المالية التي ستحتاج لنظام بديل للتفاعلات المصرفية لن يكون للغرب اليد الطولى فيه، وفق الصباغ.

 

أما الباحث محمد حامد مدير منتدى شرق المتوسط للدراسات السياسية، فيتوقع فرض عقوبات دولية على روسيا بدون نظام “سويفت”.

 

وفي تصريحات خاصة لموقع “سكاي نيوز عربية”، يوضح أن “هذا الإجراء سيصيب أسواق الغاز الروسي المصدر لأوروبا والقمح المصدر لدول العالم الثالث بالشلل”.

 

أوراق ضغط روسية

 

وبالنسبة لروسيا فلديها بعض الأوراق والتدابير ضد الغرب؛ بينها فرض عقوبات شديدة على البنوك والسياسيين الأميركيين والأوروبيين.

 

ومؤشر ذلك اتضح خلال قرارها الأخير بمنع عدد من ممثلي دول الاتحاد الأوروبي ومؤسساته من دخول موسكو.

 

كما أنشأت موسكو نظام الدفع الخاص بها المعروف باسم “إس بي إف إس ( SPFS)، بعدما ضربتها العقوبات الغربية عام 2014.

 

وخلال هذا النظام يتم تحويل نحو 20 بالمئة من التحويلات المحلية، وفقا للخبير المالي الروسي أرتيوم توزوف، لوكالة “سبوتنيك” الروسية.

 

وقد تلجأ موسكو لنظام الدفع الصيني المعروف باسم “سي آي بي إس”، كبديل لسويفت، أو تقر نظام العملات المشفرة.

 

خطوة استباقية

 

وفي خطوة استباقية، أدخل البنك المركزي الروسي، عملة الروبل الرقمي ضمن التعاملات المالية، لإجراء مدفوعات بدون نظام تحويل ائتماني دولي، وبذلك يمكنه تلافي تداعيات “سويفت”.

 

لكن عزل روسيا فجأة، سيثير الذعر بأسواقها المالية، لكن ستهدأ الاضطرابات بعد فترة جراء دعم الروبل باحتياطيات الذهب، بحسب “توزروف”، الذي أكد أن موسكو تخزن احتياطات من الذهب والدولار ما يجعلها تنتظر إلى نهاية أي عاصفة اقتصادية.

 

ومختلفاً معه، يقول الباحث محمد حامد: “روسيا ليست لديها أدوات للرد سوى غزو أوكرانيا، كورقة ضغط لحماية أمنها القومي ولمواجهة الغرب”.

 

ويضيف: “روسيا ذات اقتصاد ضعيف يخضع للمنظومة الدولية ومعرض دائما للعقوبات”.

 

ووفق قوله، فإنها: “تفتقر للقدرة على مواجهة العقوبات؛ لأنها دولة ريعية تعيش على تصدير النفط والغاز، رغم قوتها النابعة من عضويتها بمجلس الأمن وامتلاك السلاح النووي”.

 

ومتفقا مع حامد يقول الصباغ: “روسيا ليس لديها أي إمكانية للرد؛ لأن اقتصادها ضعيف ويعتمد على تصدير المواد الخام بخلاف الاقتصادات الغربية المتنوعة والمتطورة”.

 

وأردف: “لن يكون أمام روسيا إلا الرد العسكري في مغامرة يمكن أن تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة تضر بالجميع”.

 

قنبلة ذرية

 

وأوقفت ألمانيا، الأسبوع الماضي، النظر في مسألة فصل روسيا عن “سويفت”، وذلك خلال مناقشة العقوبات الغربية المحتملة، بحسب وسائل إعلام ألمانية.

 

وفي هذا المنحى، حذر زعيم الاتحاد الديمقراطي المسيحي الألماني فريدريخ ميرتس، من مغبة عزل روسيا ماليًّا.

 

وقال ميرتس إن “سويفت” قد يكون بمثابة “انفجار قنبلة ذرية” بأسواق المال والسلع والخدمات”، وفقا لوكالة الأنباء الألمانية.

وفيما توقع “كارثة اقتصادية لروسيا”، يؤكد أن القرار “سيُحدث انتكاسات هائلة لاقتصاداتنا، وسنلحق الضرر بأنفسنا بشكل كبير”.

 

ويستبعد المحلل بالشأن الروسي أشرف الصباغ، عزل روسيا لتفادي تفاقم الأوضاع على حدود أوكرانيا، ونشوب حرب؛ لأن “روسيا ستشعر بأن ليس لديها ما تخشاه”.

 

ويقول: “العزل وإن كان سيحلق بالاقتصاد الروسي أضرارًا رهيبة، سيصيب الاقتصاد الأوروبي والأميركي بانتكاسات غير محمودة العواقب”.

 

نموذج إيران

 

في 2012، تم عزل البنوك الإيرانية عن نظام “سويفت” بعد عقوبات أميركية وأوروبية بسبب البرنامج النووي الإيراني، شملت قطاعي النفط والمال.

 

وبطلب من إدارة ترامب لمجموعة “سويفت” تم استبعاد المؤسسات المالية الإيرانية المدرجة باللائحة الأمريكية للعقوبات.

 

وخسرت إيران، وفقًا لتقديرات الاقتصاديين، ما يقرب من نصف عائدات تصدير النفط و30 بالمئة من التجارة الخارجية.

 

تابع كل المواضيع و الأخبار التي تهمك الان على واتساب اضغط على الرابط التالي https://n247.co/wp

زر الذهاب إلى الأعلى
error: