رغم هدوء جبهة الشكاوى على اصحاب المولدات الا ان هذا لا يعني ان الامور تسير على ما يرام، بل ان الشعب استسلم لابتزازهم، والذين يقولون «كلمتهم ويمشون» غير القابلة للنقاش، فيما الفواتير كالمنشار تضاف الى مصائب اللبناني المرغم على السكوت في ظل غياب البديل.
تكشفت كذبة «رفع التغذية وكهرباء 24/24» لمن كان لا يزال يصدق ويأمل بالخطط الفارغة التي تعرضها الطبقة السياسية منذ سنوات، والتي تصدّق عليها من جهة وتطعن بها من جهة أخرى. هذا الاستنزاف للقطاع نتيجة المماحكات السياسية أرهَق اللبناني الذي استسلم كالعادة الى اصحاب المولدات الخاصة وفواتير مؤسسة كهرباء لبنان المليونية والمليارية، وقد نجا منها فقط من لديه طاقة شمسية تؤمّن له وفرا صغيرا من فواتير القطاع الظالمة.
بعد همروجة الفواتير المليونية والمليارية الصادرة عن مؤسسة كهرباء لبنان اتضح للمواطن جلياً ان كهرباء «ما في» وكل ما حصل منذ مطلع العام حتى اليوم هو طعمٌ رُمِي لمشتركي مؤسسة الكهرباء مغلّف بالوعيد والوعود برفع ساعات التغذية، خصوصا بعدما روّجت المؤسسة والطبقة السياسية لسنوات ان التعثر في الكهرباء يعود الى التعرفة المدعومة التي استنزفت خزينة الدولة والتي كانت في حدود 114 ليرة/كيلوات، لكن ما لبث ان تكشف ان السبب الحقيقي ليس التعرفة إذ رغم رفع فواتير الكهرباء 23500% وقد تباهت المؤسسة بأنّ السنة الاولى التي تقدم موازنة للمؤسسة من دون عجز لا تزال التغذية على حالها شبه غير موجودة، بحيث يصح القول ان هذا الوفر المالي الذي حققته المؤسسة صَبّ لصالح تأمين معاشات ورواتب موظفي المؤسسة والمحسوبيات التابعة لها من جيوب المواطنين الفارغة من دون ان تقدم لهم في المقابل أكثر من ساعتي تغذية يومية.
وقد بشّر وزير الطاقة مؤخراً ان العتمة «راجعة» في تشرين الاول بعدما أعيدت باخرة الفيول من دون الاستفادة منها ولا من سعرها المتدني مقارنة مع اسعار النفط العالمية التي تتجه صعودا، ومع تمنع المصرف المركزي عن تحويل ليرات مؤسسة كهرباء لبنان الى دولارات لاستيراد الفيول يعني العودة الى نقطة، بمكسب وحيد عبر ارغام المواطنين على دفع رسوم ثابته شهرية لا تقل عن مليوني ليرة كرسم بدل تأهيل واشتراك في «ساعة» مؤسسة كهرباء، وطالما ان الموارد مؤمنة مع ومن دون كهرباء يجعل المثابرة على تأمينها في آخر الاولويات. وهنا لا بد من الملاحظة الى ان الفواتير الاخيرة والتي احتسبت دولار الكهرباء أكثر بـ20% من دولار السوق لم تقل عن 5 ملايين ليرة، وصولا الى 30 مليونا وربما أكثر للمنازل، أما فواتير المصانع فحدّث ولا حرج لأنها وصلت في بعض الاحيان الى 4 مليارات ليرة مقابل ساعتي تغذية يوميا.
كل هذه الوقائع أعادت المواطن الى نقطة الصفر: لا يمكن الاستغناء عن كهرباء الدولة ولا عن اصحاب المولدات الخاصة واذا ما توفّرت الطاقة الشمسية فستؤمّن وفراً في فواتير الكهرباء من دون ان تكون البديل عن كليهما، أكان ذلك في المعامل او في المنازل.
تجاه هذا الواقع عاد صاحب المولد الخاص، مطمئناً الى دوره الاساسي في الحياة اليومية للمواطن الذي يعجز عن الاستغناء عنه ليلعب دور «ديك الحي» فيسعّر على هواه بالدولار من دون الالتزام بالتسعيرة الرسمية الصادرة عن وزارة الطاقة ويحتسب الضريبة على القيمة المضافة في الفاتورة رغم ان هذا مخالف للقانون ولا من حسيب او رقيب على العدادات التي يسعّرها على هواه بحيث يضمن حداً أدنى من الفوترة عن كل بيت، ويوزع تعليماته للمشتركين عبر رسائل صوتية عبر «واتسآب» متسلحاً بجملة «مش عاجبك فِل». وفي الواقع، تسجل هذه الفواتير ارقاما قياسية في بعض المناطق مثل ان تتراوح ما بين 400 و600 دولار في بعض المناطق.
ما يطرح علامات استفهام حول دور وزارة الاقتصاد وحماية المستهلك التي رغم جولاتها على اصحاب المولدات الا انها تبقى خجولة جدا ومحدودة مقابل الجهد والفعالية المطلوبة لصد هؤلاء.
وفي السياق، اعلنت مديرية حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد والتجارة امس انها تتابع جولاتها الرقابية في القطاعات كافة وانها أقدمت على تنظيم ٦ محاضر ضبط باصحاب مولدات كهربائية بسبب مخالفة سعر الكيلوواط المحدد من قبل وزارة الطاقة والمياه.
ورغم اعلان الوزارة انها مستمرة بالتشدد في ضبط المخالفات واحالة المخالفين على القضاء المختص، الا ان غياب الاحكام القانونية الرادعة سيُبقي هؤلاء سيفاً مسلطاً على رقاب اللبنانيين.
الجمهورية
تابع كل المواضيع و الأخبار التي تهمك الان على واتساب اضغط على الرابط التالي https://n247.co/wp