القمر رفيق الأرض منذ الازل… هل يتجه الى التصادم معها؟

ذكرت “الجزيرة” أن القمر يعد رفيقا وثيقا للأرض منذ الأزل، وبينما تختلف رؤيتنا لشكله وحجمه إلى حد ما أثناء دورانه حول كوكبنا، فإن حضوره يظل دائما ومستمرا في السماء. لكن هل يمكن أن يتغير ذلك؟

 

في فيلم سقوط القمر Moonfall الذي تم بثه منذ أيام قليلة، تحديدا في الرابع من شباط الجاري، تقوم قوة غامضة بإخراج القمر من مداره حول الأرض وتدفعه في مسار تصادمي نحونا، مع تأثير قد يكون محطم لكوكبنا يلوح في الأفق، في غضون أسابيع قليلة.

لمواجهة سيناريو الكارثة الوشيكة والمخاطر الناتجة عنها، تتدافع شخصيات الفيلم لإنقاذ الكوكب وأثناء القيام بذلك، يعرفون أن قمرنا الطبيعي ليس طبيعيا على الإطلاق. حيث إن فكرة القمر باعتباره هيكلا اصطناعيا عملاقا تم بناؤه منذ مليارات السنين بواسطة كائنات فضائية ذكية، متجذرة بقوة في عالم الخيال العلمي.

لكن، هل هناك أي جسم طبيعي في الفضاء يمكنه حقا دفع القمر من مداره؟ ومع وجود عشرات الآلاف من الكويكبات والمذنبات التي تدور حول النظام الشمسي، هل يمكن أن يؤدي الاصطدام بصخرة كبيرة بما يكفي إلى تحويل القمر إلى مقذوف يمكن أن يصطدم بالأرض؟

هل يمكن تحريك القمر من مداره؟

وفقا لقانون نيوتن الأول، فإن الجسم المتحرك يستمر في التحرك ما لم يدفعه شيء ما أو يسحبه. وتحدث المدارات نتيجة التوازن المثالي بين الحركة الأمامية لجسم في الفضاء، وهو القمر هنا، المعروفة باسم القصور الذاتي، وسحب الجاذبية عليه من قبل جسم آخر في الفضاء، وهو هنا كوكب الأرض.

ويجب أن تكون قوى القصور الذاتي والجاذبية هذه متوازنة تماما حتى يبقى الجسم في المدار. وإذا حدث تغيير في التوازن المثالي بين القصور الذاتي للقمر وسحب الجاذبية له، فسوف يفشل المدار.

ويمكن أن يحدث ذلك حينما يصطدم القمر بشيء ما في الفضاء فيكتسب السرعة أو يفقدها، بناء على اتجاه الاصطدام، وإذا تباطأ القمر فسوف يصطدم بالأرض، وإذا زادت سرعته فقد يدور بعيدا في الفضاء.

ويعتقد العديد من العلماء أن تأثيرا كهذا كان مسؤولا عن موت الديناصورات والعديد من الأنواع الأخرى من الحياة قبل 65 مليون سنة، حينما اصطدم نيزك بالأرض.

كيف تشكل القمر؟

وفقا لتقرير نشر في موقع لايف ساينس Live Science العلمي، فإن قمرنا جسم صخري صلب محاط بطبقة رقيقة جدا من الغازات المعروفة باسم الغلاف الجوي، وقد تشكل القمر في الوقت نفسه تقريبا الذي تشكلت فيه الأرض، منذ حوالي 4.5 مليارات سنة.

وتشير فرضية مقبولة على نطاق واسع إلى أن القمر تكون من الحطام الصخري الناتج عن اصطدام هائل بين كوكب الأرض وكوكب أصغر، كائن افتراضي يدعى ثيا. تقول ناسا NASA كذلك إنه توجد فرضية أخرى عن الاصطدام مفادها أن كلا من القمر والأرض تشكلا بعد اصطدام جسدين، يبلغ حجم كل منهما 5 أضعاف حجم المريخ.

ويقع القمر على بعد حوالي 385 ألف كيلومتر من الأرض، وتقدر كتلته بأكثر من 81 مليون طن، أي ربع حجم الأرض تقريبا.

احتمال ضعيف جدا

تظهر صور القمر أن سطحه مليء بالحفر ذات الأحجام المختلفة، الناتجة عن الاصطدامات في الماضي. يقول بول تشوداس، مدير مركز دراسات الأجسام القريبة من الأرض (CNEOS) لمختبر الدفع النفاث التابع لناسا في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا (Caltech) في باسادينا، كاليفورنيا، إن معظم هذه الأشياء تكونت لأول مرة منذ مليارات السنين، عندما كان هناك الكثير من الحطام المتدفق عبر النظام الشمسي.

يقول تشوداس لموقع لايف ساينس إن معظم الحطام الصخري المكون للكواكب والذي كان يملأ النظام الشمسي في يوم من الأيام قد تبدد منذ فترة طويلة، “لذا فقد انخفض عدد التأثيرات كثيرا الآن، هناك مواد أقل بكثير للتأثير على الأرض أو القمر”

ويحدد مركز دراسات الأجسام القريبة من الأرض (CNEOS) الكويكبات والمذنبات، لتحديد ما إذا كانت تشكل تهديدا للأرض أو القمر. ويتابع المركز في الوقت الحالي حركة حوالي 28 ألف جسم يقترب من الأرض ضمن 194.5 مليون كيلومتر.

 

يقول تشوداس “بشكل عام، يكون احتمال اصطدام الكويكبات بالقمر أقل بكثير من الاصطدام بالأرض، لأن كوكبنا هدف أكثر ضخامة وله جاذبية أقوى قادرة على جذب الأجسام إليه. لذا فإن الصخرة الفضائية التي ربما تنحرف عن مسارها وتأتي في جوارنا سوف يتم سحبها باتجاه الأرض بدلا من القمر.

ما حجم الأجسام المهددة للقمر؟

حجم الأجسام المندفعة نحو الأرض أو القمر يؤخذ في الاعتبار عندما يفكر العلماء في الخطر الذي يمثله كويكب مندفع في اتجاهنا. ووفقا لوكالة ناسا، يتم تصنيف الأجسام القريبة من الأرض على أنها تهديد لنا حينما يبلغ قطرها 140 مترا على الأقل. أما بالنسبة للقمر، لكي يؤثر اصطدام كويكب على مداره، يجب أن يكون على الأقل بحجم القمر نفسه.

ولحسن الحظ بالنسبة لنا على الأرض وللقمر بالطبع، لا يوجد أي كويكبات معروفة في النظام الشمسي يقترب حجمها من حجم القمر، في أي مكان قريب. ووفقا لوكالة ناسا، فإن أكبر كويكب معروف تقل كتلته عن القمر بنحو 70 مرة، ويدور بين المريخ والمشتري في حزام الكويكبات الرئيسي، على بعد حوالي 180 مليون كيلومتر من الأرض.

هل يحرك القمر من مكانه جسم من صنع الإنسان؟

قد يستبعد احتمال قيام كويكب من النظام الشمسي بإزاحة القمر، ولكن ماذا عن جسم من صنع الإنسان؟

على سبيل المثال فإن المرحلة المعززة من صاروخ فالكون التابع لسبيس إكس SpaceX Falcon 9 المستهلكة التي تم إطلاقها في عام 2015 هي حاليا في مسار تصادم مع القمر، ومن المتوقع أن تصطدم به في مارس/آذار 2022، وسينتج عن هذا الاصطدام حفرة يبلغ قطرها حوالي 20 مترا حسبما ذكر موقع لايف ساينس في تقرير سابق. ولا يوجد خطر من حدوث مثل هذا الارتطام ليؤثر على مدار القمر.

لذلك، في المرة القادمة التي تنظر فيها إلى القمر في سماء الليل، يمكنك أن تشعر بالراحة من فكرة أنه لن يذهب إلى أي مكان في أي وقت قريب.

(الجزيرة)

 

تابع كل المواضيع و الأخبار التي تهمك الان على واتساب اضغط على الرابط التالي https://n247.co/wp

زر الذهاب إلى الأعلى
error: