تكنولوجيا و علوم

كيف تغير بطاريات BYD سريعة الشحن مستقبل السيارات الكهربائية؟

حققت شركة “بي واي دي” (BYD) الصينية العملاقة في صناعة السيارات نقلة نوعية، حيث أعلنت عن نظام تقول إنه يتيح شحن السيارات الكهربائية بسرعة تضاهي سرعة تزويد السيارات التي تعمل بالبنزين.


بعد إطلاق شعاراتها التسويقية مثل “مزايا أكثر بدون تكلفة إضافية”، و”القيادة الذكية للجميع”، يمكن لشركة BYD إضافة شعار جديد: “شحن سريع يُضاهي سرعة تزويد السيارات بالوقود”، مما يساعدها على زيادة حصتها السوقية أمام شركات السيارات التقليدية والشركات المنافسة لها بشكل مباشر مثل “تسلا” التابعة للملياردير إيلون ماسك.

كيف تعمل بطارية BYD مقارنة بالمنافسين مثل “تسلا”؟

عرضت BYD نظام تحديث سياراتها الكهربائية خلال فعالية أُقيمت الاثنين في الصين، (وتقوم شركة السيارات، ومقرها في  شينزين  أيضاً بتصنيع السيارات الهجينة).

تتميز المنصة المسماة “سوبر إي بلاتفورم” (Super e-Platform) ببطاريات شحن فائق السرعة ومحرك بسرعة 30 ألف دورة في الدقيقة، ورقائق طاقة جديدة من كربيد السيليكون.

بعبارة بسيطة، يعني ذلك أن سيارات BYD يمكنها تحقيق قدرة شحن تبلغ ميجاواطاً واحداً وسرعة شحن قصوى تبلغ كيلومترين في الثانية، مما يجعلها -كما تقول الشركة- أسرع نظام شحن من نوعه في السيارات المنتجة بكميات كبيرة، ويتيح لها أن تقطع مسافة  400 كيلومتر بعد الشحن 5 دقائق فقط.

هذا يُشبه إلى حد كبير ما يستغرقه الدخول إلى محطة وقود والخروج منها بعد دفع ثمن ملء خزان الوقود بالكامل.

السرعة التي تقول BYD إنها قادرة على تحقيقها تتفوق بشكل كبير حتى على شواحن “تسلا” الفائقة، والتي يمكنها السيارات أن تمشي مسافة 275 كيلومتراً بعد الشحن 10 دقائق. أما السيارات المنافسة الأخرى مثل “سي إل إيه” (CLA) الكهربائية الجديدة التي تصنعها “مرسيدس-بنز”، فيمكنها قطع مسافة 325 كيلومتراً بعد شحنها لمدة 10 دقائق أيضاً.

بالنسبة لشركة BYD، فإن المنافسة الحقيقية قد تكون أقرب مما يبدو، حيث تأتي من الشركات الصينية المنافسة. على سبيل المثال، تستخدم شركة “لي أوتو” (Li Auto)،  بطارية من إنتاج “كونتيمبوريري إمبيريكس تكنولوجي” (Contemporary Amperex Technology) والمعروفة اختصاراً بـ(CATL)، في إحدى سياراتها، والتي يمكنها أن تقطع مسافة 500 كيلومتر بعد شحن البطارية لمدة 12 دقيقة فقط.

تقول BYD إنها حققت قفزات كبيرة لدرجة أن سيارتها “هان إل” (Han L)، إحدى السيارات الكهربائية التي سيتم تجهيزها بنظام “سوبر إي-بلاتفورم” الجديد، تضاهي سيارة سباق “فورمولا إي”.

كيف جعلت BYD الشحن بهذه السرعة ممكناً؟

تقول BYD إن الفضل في ذلك يعود إلى “نظام محطة شحن فوري بقوة ميجاواط ومبرد بسائل بالكامل”. (النظام يعتمد على سائل خاص لتبريد مكوناته ومنع ارتفاع درجة الحرارة أثناء الشحن السريع).

بالإضافة إلى ذلك، ولمواكبة الشحن فائق القدرة، طورت BYD بشكل مستقل شريحة طاقة من كربيد السيليكون من الجيل التالي والمخصصة للسيارات. وتتمتع الشريحة بجهد كهربائي يصل إلى 1500 فولت، وهو الأعلى حتى الآن في صناعة السيارات.

بالتزامن مع ذلك، أطلقت BYD، الاثنين، بطاريتها المزودة بتقنية الشحن السريع. وتحتوي الخلية، من القطب الموجب إلى القطب السالب، على قنوات أيونية فائقة السرعة، والتي تقول الشركة إنها تقلل من المقاومة الداخلية للبطارية بنسبة 50%. كما يوجد محرك يتم تصنيعه بكميات ضخمة بسرعة دوران 30 ألف دورة في الدقيقة.

قال لوه هونجبين، نائب الرئيس التنفيذي في BYD، إن المحرك “لا يعزز سرعة السيارة بشكل كبير فحسب، بل يقلل أيضاً من الوزن والحجم بشكل ملحوظ، مما يزيد من كثافة الطاقة”.

هل بطارية BYD آمنة؟

هذا سؤال معقد، فقد يؤثر الشحن فائق السرعة بدرجة ما على سلامة البطارية وعمرها الافتراضي. وربما لا تكون البطاريات القديمة مناسبة لهذا النوع من الشحن السريع، وفي الوقت نفسه، قد تؤدي تيارات الشحن العالية إلى سخونة مفرطة للبطارية، وفق ما كتبه الأستاذ بجامعة تسينجهوا أويانج مينج جاو في بحث صدر في 2024.

كذلك، قد ينطوي الأمر على تكاليف إضافية، فتشير تقديرات شركة “جوتاي جونان سكيوريتيز” إلى أن تحديث بنية مركبة كهربائية من 400 فولت إلى 800 فولت قد يترتب عليها رفع التكلفة بنحو 4000 يوان (550 دولاراً) للمركبة. بينما تصل قدرة أحدث منصة شحن من BYD إلى 1000 فولت، ما يكفي لتشغيل البطارية، والمحرك، ومكيف الهواء، والمكونات الأخرى.

على جانب آخر، قد لا تتمكن شبكات توزيع الكهرباء من تحمل الحمل الناتج عن هذا الشحن السريع، ما يعني أن محطات الشحن فائق السرعة -التي أعلنت BYD اعتزامها إنشاء أكثر من 4 آلاف محطة منها في الصين- قد لا تتمكن من سحب الكهرباء مباشرة من شبكة التوزيع، بحسب أويانج.

تعكف بعض شركات صنع المركبات الكهربائية، مثل “إكس بنج”، أيضاً على تطوير تقنيات الشحن فائق السرعة، وتوفر وحدات تخزين طاقة مستقلة في محطات الشحن للمساعدة في التعامل مع ارتفاع الطلب على الكهرباء.

أين يمكن استخدام نظام الشحن الجديد في 5 دقائق، وهل يساعد في حل مشكلة القلق من مدى السيارة؟

اعترف رئيس مجلس إدارة BYD وانغ تشوانفو، الاثنين، بأنه رغم التطورات في تكنولوجيا المركبات الكهربائية، لا يزال “القلق إزاء الشحن” أحد الشواغل الرئيسية، فلا يرغب الناس في الانتظار لساعات خلال شحن سياراتهم، أو الأسوأ، القيادة إلى نقطة شحن ليجدوها معطلة أو مشغولة.

لذلك، فقد تحقق سيارات BYD التي تستخدم الشحن فائق السرعة للغاية تقدماً كبيراً في حل مشكلة القلق إزاء الشحن.

وأشار فينسنت صن، المحلل لدى “مورنينج ستار”، إلى أن البطاريات سريعة الشحن هي “خطوة أخرى تجاه الحد من تردد المستهلكين حيال تبني المركبات الكهربائية، إلا أن أعمدة الشحن لا تدعم متطلبات الجهد العالي على نطاق واسع حتى الآن”.

في الفترة الحالية، لن يتوفر نظام الشحن الجديد إلا في الصين. وسيكون “هان إل” و”تانج إل” أول طرازين يعملان بنظام “سوبر إي بلاتفورم” من BYD، وقد بدأ البيع المسبق لهذين الطرازين رسمياً في الصين، ومن المقرر طرحهما بالأسواق في أبريل.

يؤدي تطوير شركات صنع سيارات بنيتها التحتية للشحن، مثل BYD و”تسلا”، إلى إثارة شكوك حول جدوى استبدال البطاريات، بالأخص للشركات ذات الأنظمة المغلقة، مثل “نيو”. فبدلاً من أن يشحن قائد السيارة الكهربائية البطارية المستهلكة، يستبدلها بأخرى جديدة. وقد أنشأت “نيو” أكثر من 3200 محطة استبدال على مستوى العالم، معظمها في الصين.

هل ستكون التقنيات الأخرى مثل بطاريات الحالة الصلبة أفضل؟

بشكل عام، تُعتبر بطاريات الحالة الصلبة أكثر أماناً من بطاريات أيون الليثيوم، نظراً لاستخدامها كهارل صلبة بدلاً من السائلة أو الهلامية (الجل).

يشكل ذلك مسألة مهمة لعدة أسباب؛ فهناك احتمال أقل لتكوُّن التشعبات (هياكل من معدن الليثيوم شبيهة بالإبر يمكن تكونها بمرور الوقت وبمقدورها اختراق الحاجز بين قطبي البطارية، ما يؤدي إلى قصور في الدائرة الكهربائية)، كما تعمل بطاريات الحالة الصلبة بشكل أكثر أماناً في درجات الحرارة المرتفعة، ما يقلل خطر السخونة المفرطة، وتقلل احتمال حدوث تسرب، ما يحد من خطر التعرض للكيماويات الخطرة.

لكن تكلفة صنع بطاريات الحالة الصلبة أعلى بكثير، ما يسفر عن تحديات في القدرة على زيادة الإنتاج، والإنتاج بكميات كبيرة، ولا يزال عدد من النماذج الأولية يتعرض للتشقق والتلف نتيجة دورات الشحن المتكررة. كما تقدم بطاريات الحالة الصلبة أداء محدوداً في درجات الحرارة المنخفضة، ما يؤدي إلى مشكلات في المناطق شديدة البرودة شتاء.

كم ستبلغ أسعار طرازات BYD الجديدة التي تستخدم التكنولوجيا الجديدة؟

سيبدأ سعر طراز “هان إل” من 270 ألف يوان، و”تانج إل” ذي الدفع الرباعي من 280 ألف يوان. كما سيتميزان باستخدام “عين الإله” (God’s Eye)، أحدث تقنيات القيادة الذكية التي طرحتها الشركة.

هذا المحتوى من “اقتصاد الشرق مع بلومبرغ”.

المصدر

0

زر الذهاب إلى الأعلى
error: