تكنولوجيا و علوم

مرصد الطاقة المظلمة يصدر أكبر خريطة ثلاثية الأبعاد للكون

في خطوة علمية مهمة أصدر مرصد الطاقة المظلمة الطيفي (DESI)، خريطة جديدة تحتوي على مجموعة بيانات تتيح للباحثين في جميع أنحاء العالم استكشاف أكبر خريطة ثلاثية الأبعاد للكون حتى الآن.

وتحتوي المجموعة على بيانات عن 18.7 مليون جسم سماوي، تشمل 4 ملايين نجم، و13.1 مليون مجرة، و1.6 مليون كوازار (جسم شديد السطوع يستمد طاقته من ثقب أسود فائق الكتلة)، وهو أكبر عملية تجميع من نوعها على الإطلاق.

ويقول الباحثون إن الخريطة الجديدة تهدف دراسة الطاقة المظلمة، وهي القوة الغامضة التي تتسبب في تسارع توسع الكون، كما تحتوي أيضاً على مجموعات من البيانات التي قد تؤدي أيضاً إلى اكتشافات في مجالات أخرى من الفيزياء الفلكية، مثل تطور المجرات والثقوب السوداء، وطبيعة المادة المظلمة، وبنية مجرة درب التبانة.

وجمع العلماء في مرصد الطاقة المظلمة الطيفي الضوء من الأجرام السماوية باستخدام 5000 جهاز بصري، ما يمكنه من مراقبة 5000 جرم سماوي جديد كل 20 دقيقة، وفي الليالي الصافية، يستطيع المرصد جمع بيانات عن أكثر من 100000 مجرة في ليلة واحدة، مما يجعله أكثر الأدوات كفاءة في مجال رسم خرائط الكون.

وتضمن الإصدار الأول من بيانات المرصد معلومات عن السنة الأولى من المسح الرئيسي التي جُمعت بين مايو 2021 ويونيو 2022، إضافةً إلى بيانات التحقق من التجربة التي سبقتها بخمسة أشهر، لكن هذا الإصدار أكبر بعشر مرات من الإصدار المبكر للبيانات كما يغطي منطقة في السماء أوسع بسبع مرات، ويحتوي على بيانات طيفية دقيقة لمسافات ملايين المجرات، مما يجعله أكبر مسح طيفي لقياس الإزاحة الحمراء في التاريخ، بعد أن جمع بيانات عن أكثر من مليون جرم سماوي شهرياً.

دراسة تطور المجرات

وبالمقارنة، فإن مسح سلون الرقمي للسماء أحد أبرز المسوح السابقة، استغرق 25 عاماً لجمع بيانات عن 9 ملايين جرم سماوي، بينما جمع مرصد الطاقة المظلمة الطيفي ضعف هذا العدد في عامه الأول فقط، مما يعزز دوره في فهم بنية الكون وتاريخه وتطوره.

قياس الإزاحة الحمراء هو تمدد الطيف الضوئي للأجرام السماوية نتيجة توسع الكون، إذ كلما زادت الإزاحة الحمراء، كان الجرم أبعد، مما يتيح للعلماء إنشاء خريطة ثلاثية الأبعاد للكون تمتد عبر 11 مليار سنة ضوئية.

ويساعد هذا المشروع الطموح في دراسة تطور المجرات عبر الزمن، وفهم طبيعة المادة المظلمة والطاقة المظلمة، وإعادة بناء تاريخ التوسع الكوني، بالإضافة إلى تحليل بنية مجرة درب التبانة من خلال دراسة ملايين النجوم، مما يوفر رؤى غير مسبوقة حول تاريخ الكون وتكوينه.

ويتم إرسال بيانات المرصد كل ليلة إلى مركز الحوسبة العلمية لأبحاث الطاقة، حيث تتم معالجتها باستخدام أحدث الحواسيب الفائقة، إذ يسرّع معالجة البيانات بمعدل 40 ضعفاً مقارنة بالأنظمة السابقة.

مع دخول المرصد عامه الرابع من أصل خمسة أعوام مخصصة لجمع البيانات، يواصل المشروع توسيع نطاق فهمنا للكون، إذ يهدف إلى رسم خريطة طيفية لأكثر من 50 مليون مجرة وكوازار قبل انتهاء مهمته. 

ويقول الباحثون إن المرصد لا يقتصر تأثيره على العلماء المشاركين في المشروع فحسب، بل يمتد ليشمل الباحثين حول العالم، بما في ذلك الذين لا يملكون وصولاً إلى التلسكوبات الكبيرة، إذ يوفر لهم بيانات مجانية تتيح اختبار نظريات جديدة حول الكون، مما يعزز من تكافؤ الفرص في البحث العلمي، ويفتح آفاقاً جديدة للاكتشافات الكونية.

المصدر

زر الذهاب إلى الأعلى
error: