تكنولوجيا و علوم

دراسة: الذكاء الاصطناعي يمكنه تطوير أساليب تواصل شبيهة بالبشر بشكل عفوي

ذكرت دراسة جديدة أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يطور بشكل عفوي تقاليد اجتماعية مشابهة لتلك التي يتبعها البشر، حسبما ذكرت صحيفة “الجارديان”.

وأظهرت الدراسة المنشورة في مجلة “ساينس أدفانسيس” (Science Advances) أنه عندما يتواصل وكلاء الذكاء الاصطناعي الذين يعتمدون على النماذج اللغوية الكبيرة (LLM) مثل ChatGPT في مجموعات دون تدخل خارجي، يمكنهم البدء في تبنّي أشكال لغوية ومعايير اجتماعية بالطريقة نفسها التي يفعلها البشر أثناء تفاعلهم الاجتماعي.

وقال المؤلف الرئيسي للدراسة، أرييل فلينت أشيري: “يختلف عملنا عن معظم الأبحاث السابقة التي تناولت الذكاء الاصطناعي، حيث كانت تلك الأبحاث تعتبر الذكاء الاصطناعي ككيان منفرد، بينما نحن نظرنا إليه ككائن اجتماعي”.

وأضاف أشيري: “معظم الأبحاث حتى الآن كانت تتعامل مع النماذج اللغوية الكبيرة بشكل منفصل، لكن أنظمة الذكاء الاصطناعي في العالم الحقيقي ستتضمن في المستقبل العديد من الوكلاء المتفاعلين معاً”.

وتابع: “أردنا أن نعرف: هل يمكن لهذه النماذج تنسيق سلوكها من خلال تشكيل تقاليد، وهي اللبنات الأساسية للمجتمع؟ الجواب هو نعم، وما يفعلونه معاً لا يمكن تقليصه إلى ما يفعلونه بمفردهم”.

وتراوحت مجموعات الوكلاء الفرديين للنماذج اللغوية الكبيرة المستخدمة في الدراسة من 24 إلى 100 وكيل، وفي كل تجربة، تم إقران وكيلين عشوائياً، وطُلب منهما اختيار “اسم” من مجموعة من الخيارات، سواء كان حرفاً أو سلسلة من الرموز.

عندما اختار الوكيلان الاسم نفسه، تم مكافأتهما، ولكن عندما اختارا خيارات مختلفة، تم معاقبتهما وعُرضت عليهما اختيارات بعضهما البعض.

ورغم أن الوكلاء لم يكونوا على دراية بأنهم جزء من مجموعة أكبر، وأن ذاكرتهم كانت محدودة بتفاعلاتهم الأخيرة فقط، فإن تقليداً مشتركاً في التسمية نشأ بشكل عفوي عبر المجموعة دون وجود حل مُسبق، ما يحاكي المعايير التواصلية في الثقافة البشرية.

التشابه مع البشر

من جانبه، قال المؤلف المشارك في الدراسة، أندريا بارونشيلي، إن انتشار السلوك يشبه عملية خلق كلمات ومصطلحات جديدة في مجتمعنا.

وأضاف بارونشيلي: “الوكلاء لا يقلدون قائداً. كلهم يحاولون التنسيق بنشاط، ودائماً في أزواج. كل تفاعل هو محاولة فردية للاتفاق على تسمية، دون أي رؤية شاملة”.

وتابع: “إنه يشبه مصطلح (Spam). لم يتم تعريفه رسمياً، ولكن من خلال جهود التنسيق المتكررة، أصبحت التسمية العالمية للبريد الإلكتروني غير المرغوب فيه”.

كما لاحظ الفريق تكوّن تحيزات جماعية بشكل طبيعي لا يمكن تتبعها إلى وكلاء فرديين. وفي تجربة أخيرة، تمكنت مجموعات صغيرة من وكلاء الذكاء الاصطناعي من توجيه المجموعة الأكبر نحو تقليد تسمية جديد.

وتم الإشارة إلى ذلك على أنه دليل على ديناميكيات الكتلة الحرجة، حيث يمكن للأقلية الصغيرة، ولكن المصممة أن تؤدي إلى تغيير سريع في سلوك المجموعة بمجرد أن تصل إلى حجم معين، كما يحدث في المجتمع البشري.

ورأى بارونشيلي أن الدراسة “تفتح أفقاً جديداً في أبحاث أمان الذكاء الاصطناعي. إنها تُظهر عمق تداعيات هذه الفئة الجديدة من الوكلاء الذين بدأوا في التفاعل معنا، وسيسهمون في تشكيل مستقبلنا”.

وأردف بالقول: “فهم كيفية عملهم هو المفتاح لقيادة تعايشنا مع الذكاء الاصطناعي، بدلاً من أن نكون خاضعين له. نحن ندخل إلى عالم حيث لا يقتصر الأمر على أن الذكاء الاصطناعي يتحدث فقط، بل يتفاوض، ويتناغم، وأحياناً يختلف بشأن السلوكيات المشتركة، تماماً كما نفعل نحن”.

المصدر

زر الذهاب إلى الأعلى
error: