ماذا يعني تهديد ماسك بتعطيل مركبة ‘دراجون’ الفضائية لـ’ناسا’؟

في ظل تصاعد الخلاف بين الملياردير إيلون ماسك والرئيس الأميركي دونالد ترمب، هدد ماسك بتعطيل مركبة “دراجون” التي تستخدم لنقل رواد الفضاء والإمدادات إلى محطة الفضاء الدولية.
“دراجون”، هي عائلة من المركبات الفضائية التي تنتجها شركة ماسك “سبيس إكس”. ومنذ عام 2012، تقوم مركبات “دراجون” المتنوعة برحلات إلى محطة الفضاء الدولية، حاملة البضائع والطاقم إليها.
وتعتبر شركة”سبيس إكس” شريكاً رئيسياً في برنامج “أرتيميس” التابع للإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضائية “ناسا”، الذي يسعى لإنشاء قاعدة دائمة على سطح القمر، وإرسال البشر في مهام مستقبلية إلى كوكب المريخ.
وعلى الرغم من أن ماسك تراجع عن تهديده الأولي بعد ساعات في منشور على منصة “إكس”، إلا أن هناك احتمالاً بأن يغير أغنى رجل في العالم رأيه مرة أخرى.
وقال خبراء في علوم الفضاء لشبكة ABC الإخبارية الأميركية، إن شركة “سبيس إكس” كانت ضرورية لبعثات “ناسا”، وإن انهيار العلاقة بين الطرفين سيترك فراغاً يصعب تعويضه.
وأضاف موريبا جاه، أستاذ هندسة الفضاء والميكانيكا الهندسية في جامعة تكساس بأوستن، لـABC: “ببساطة، الولايات المتحدة وضعت كل اعتمادها بشكل فريد على إيلون ماسك ومركباته الفضائية التي تُعد وسيلة أميركية ذات سيادة وحصرية لنقل الناس من وإلى الفضاء. والآن إذا قُطعت هذه العلاقة، تصبح الولايات المتحدة في وضع هش للغاية وبدون بدائل واضحة”.
بدأت علاقة “ناسا” مع “سبيس إكس” في عام 2008، عندما أطلقت الوكالة برنامج الخدمات التجارية لإعادة التزويد (Commercial Resupply Services) لتسليم البضائع والإمدادات إلى محطة الفضاء الدولية عبر مركبات فضائية تجارية.
ووقعت الوكالة عقداً مع “سبيس إكس”، ومنحت الشركة 12 رحلة تبلغ قيمتها حوالي 1.6 مليار دولار.
تغيير نموذج عمل “ناسا”
وقال مارك جيرنيجان، المدير التنفيذي لمعهد “رايس” للفضاء في هيوستن، والوكيل السابق لتطوير أنظمة مركبات علوم الحياة الفضائية في مركز جونسون للفضاء التابع لـ”ناسا” في هيوستن، إنه شارك في إطلاق برنامج الوكالة للشحن التجاري.
وأوضح: “كانت الفكرة هي تخفيف مسؤولية (ناسا) عبر تغيير نموذج عملها، وكان برنامج الشحن التجاري واحداً من النماذج الرائدة في هذا المجال. فالفكرة تعتمد على تحديد نوع الشحن المطلوب إرساله وكمية الشحن، والمتطلبات التي يجب أن يفي بها الصاروخ ليتمكن من الالتحام الآمن مع المحطة الفضائية”.
وأضاف أن برامج الفضاء في اليابان وأوروبا والولايات المتحدة وروسيا كانت تشحن البضائع آنذاك، لكن اليوم لم يبق على ذلك سوى الولايات المتحدة وروسيا فقط.
وقدمت المركبة “دراجون 1” خدمات الشحن لمحطة الفضاء الدولية لمدة 10 سنوات بين 2012 و2020 قبل أن تُحال للتقاعد. وفيما بعد أطلقت “سبيس إكس” المركبة “دراجون 2” التي جاءت بنسختين: الأولى لتحل محل “دراجون 1” والثانية كبسولة لنقل الطاقم إلى الفضاء.
وفي سبتمبر 2014، أعلنت “ناسا” اختيار شركة “سبيس إكس” ومركبة “كرو دراجون” التابعة لها كواحدة من الشركات المكلفة بنقل رواد الفضاء الأميركيين إلى محطة الفضاء الدولية.
وقال مايكل ليماون، أستاذ علوم المناخ والفضاء والهندسة في جامعة ميشيجان، إن “سبيس إكس” كانت حاسمة لبرنامج (ناسا) للشحن التجاري”.
وأضاف: “عندما تقاعدت مكوكات الفضاء، كانت الطريقة الوحيدة لنقل البشر إلى مدار الأرض المنخفض هي التعاقد مع روسيا باستخدام كبسولة (سويوز)، ولهذا كلفت (ناسا) كلا من (بوينج) و(سبيس إكس) بتطوير كبسولات جديدة للطاقم لضمان وجود القدرة على القيام بهذه المهمات”.
وأشار جيرنيجان إلى أن “سبيس إكس” حققت نجاحاً أكبر من منافسيها، بما في ذلك شركة “بوينج” ومركبتها الفضائية “ستارلاينر”.
العمل بدون “سبيس إكس”
وقال جيرنيجان: “في الوقت الحالي، المزود الأميركي الوحيد لعمليات نقل الطاقم هو شركة (سبيس إكس)، لذا فإن غيابها سيكون أمراً مؤثراً”.
وأضاف: “أتوقع أنه إذا اختفت مركبة (دراجون) من (سبيس إكس)، فسيكون من الصعب على شركة (بوينج) تصعيد عملياتها لتحل محل شركة إيلون ماسك”. وأشار إلى أن مثل هذا التغيير سيكون مكلفا.
وتابع: “إذا اضطررنا للعمل بدون (سبيس إكس)، فسيتعين علينا حقاً تغيير النهج وضخ الكثير من الأموال لمحاولة إعادة البدائل الأخرى إلى مستوى الأداء المطلوب”.
وتلعب “سبيس إكس” أيضاً دوراً مهماً في برنامج “أرتيميس”، الذي يهدف إلى إعادة إرسال رواد فضاء إلى القمر لأول مرة منذ أكثر من 50 عاماً، ومن ثم إقامة قاعدة دائمة هناك قبل التوجه إلى المريخ.