ماذا سيحدث لو وُلد طفل في الفضاء؟ عالم يشرح المخاطر

مع تصاعد الطموحات لاستعمار الكواكب البعيدة، وعلى رأسها المريخ، تبرز واحدة من أكثر الأسئلة جرأة وإثارة: هل يمكن للبشر أن يتكاثروا في الفضاء؟ أو بصيغة أدق، هل يمكن أن تحبل امرأة وتُنجب طفلًا خارج كوكب الأرض؟
تشير الأبحاث الحديثة إلى أن الجواب – من حيث المبدأ – هو نعم، لكن الواقع أكثر تعقيدًا بكثير. فبين انعدام الجاذبية والإشعاع الكوني القاتل، تبرز سلسلة من التحديات البيولوجية والفيزيائية التي تهدد أي محاولة لإنجاب البشر بعيدًا عن الأرض.
في المراحل المبكرة، قد لا يُشكّل انعدام الجاذبية عائقًا حاسمًا. فالجنين في الرحم يطفو بالفعل في السائل الأمنيوسي، وهي بيئة تحاكي الجاذبية الصغرى. ومع ذلك، تبقى عملية الولادة والعناية بالرضيع تحديًا هائلًا في بيئة لا يُمكن فيها لأي شيء أن يبقى في مكانه، بما في ذلك السوائل، والدماء، وحتى الجسد نفسه.
لكن التهديد الأكبر يكمن في الإشعاع الكوني العالي الطاقة. بعيدًا عن الحماية التي يوفرها الغلاف الجوي والمجال المغناطيسي الأرضي، يكون جسم الإنسان، وبشكل خاص الجنين في مراحله الأولى، عرضة لجسيمات قادرة على اختراق الخلايا وتدمير حمضها النووي، ما يرفع خطر الإجهاض، التشوهات الخلقية، أو الإصابة بأمراض مزمنة لاحقًا.
وتُعد الأشهر الأولى بعد الإخصاب الأكثر هشاشة، إذ تكون الخلايا في ذروة انقسامها وتكوينها. وقد تكون “ضربة واحدة” من شعاع كوني كافية لإنهاء الحمل قبل أن يبدأ.
حتى لو نجح الحمل والولادة، تبقى الأسئلة مفتوحة حول نمو الطفل في بيئة بلا جاذبية. فالأطفال يعتمدون على الجاذبية لتطوير التوازن، الحركة، وحتى فهم الاتجاهات. غياب هذا “المرشد البيئي” قد يؤثر سلبًا على نمو الدماغ والتنسيق الحركي، وربما على الإدراك والسلوك.
إذاً، هل يمكن أن يولد طفل في الفضاء؟ الجواب العلمي: نعم، ولكن بثمن باهظ. وحتى إشعار آخر، تبقى الأرض المكان الوحيد الآمن بما يكفي لبداية الحياة البشرية. فرغم التقنيات المتقدمة، لا نزال بعيدين عن تأمين بيئة فضائية تُوفّر الحماية والرعاية الكافية للأم والطفل معًا. حتى ذلك الحين، سيبقى الحمل في الفضاء فكرة مستقبلية محفوفة بالمخاطر لا نجرؤ على اختبارها.