مع حالة من الترقب.. سام ألتمان يشوق العالم لوصول GPT-5

تقترب شركة OpenAI من لحظة محورية جديدة في مسيرتها بمجال الذكاء الاصطناعي، مع اقتراب إطلاق نموذجها الأحدث GPT-5، الذي يُنتظر أن يمثل نقلة نوعية في قدرات النماذج اللغوية الكبيرة متعددة الوسائط، وسط منافسة متسارعة مع شركات كبرى مثل جوجل وميتا وxAI وأنثروبيك.
وقد نشر سام ألتمان، مدير ومؤسس OpenAI، عبر إكس لمحة أولى عن النموذج الجديد، حيث نشر لقطة شاشة تُظهر حواراً أجراه باستخدام ما يبدو أنه النسخة التجريبية من GPT-5.
وتفاعل المستخدمون مع المنشور بشكل واسع، خاصة بعدما أشار ألتمان إلى توصية النموذج بمسلسل الخيال العلمي “Pantheon”، وهو ما فسّره كثيرون على أنه أول ظهور علني لقدرات النموذج المرتقب.
قدرات محسّنة ومهام أكثر اعتمادية
من المتوقع، بحسب عدة تقارير متخصصة، أن يتمتع GPT-5 بقدرات موسّعة مقارنة بالإصدارات السابقة، من بينها نافذة سياق أكبر تسمح للنموذج بفهم واستيعاب كميات أكبر من المعلومات في نفس الوقت، إضافة إلى قدرة أعلى على تنفيذ المهام بشكل ذاتي، وهو ما يجعله أول نموذج ضخم من OpenAI يحصل على قدرات وكالية Agentic Capablities، أي تنطوي على اتخاذ قرارات مستقلة وتنفيذ إجراءات فعلية مثل حجز المواعيد أو تنظيم البريد الإلكتروني.
كما ستتضمن النسخة الجديدة دعماً متعدد الوسائط Multimodal، ما يعني إمكانية فهم النصوص والصور والصوت والفيديو والتفاعل معها بسلاسة ضمن نفس المحادثة.
ووفقًا للصور التي شاركها ألتمان، فإن GPT-5 قادر على استخلاص معلومات دقيقة من الإنترنت، مثل تقييمات النقاد الفنية لمسلسل معين، وتقديمها بلغة تحليلية مركزة.
توحيد النماذج
في منشور سابق على “إكس”، كشف ألتمان عن خطة OpenAI لتوحيد النماذج الذكية ضمن نموذج موحّد شامل، قائلاً: “نكره خاصية اختيار النموذج بقدر ما تكرهونها، ونسعى للعودة إلى ذكاء موحد وسحري”. وأشار إلى أن GPT-5 سيكون أول نموذج يلغي الحاجة لاختيار بين نسخ GPT-4 أو o3 أو o4-mini، إذ سيختار النموذج تلقائياً الطريقة الأفضل لتنفيذ المهمة بناءً على مدخلات المستخدم.
وسيحل GPT-5 مكان نموذج GPT-4.5 المعروف باسم Orion، ليكون الأخير ضمن ما تصفه الشركة بالنماذج “غير المعتمدة على التفكير المتسلسل” (Non-Chain-of-Thought)، بينما سيُدمج نموذج o3 نهائياً في البنية الجديدة لـGPT-5.
من أبرز المفاجآت التي أعلنها ألتمان، في فبراير، أن مستخدمي ChatGPT في النسخة المجانية سيحصلون على وصول غير محدود إلى نموذج GPT-5، وهو ما يعد تحوّلاً في سياسة الشركة التي كانت تقصر المزايا المتقدمة على المشتركين في خطة “بلاس” و”برو”.
لكن هذه التوسعة تأتي مع تحذير من حدوث بعض الاضطرابات المؤقتة، حيث نبّه ألتمان إلى احتمالية حصول “اختناقات في السعة” خلال الأسابيع المقبلة، قائلاً: “يرجى الصبر، فقد نمرّ ببعض العقبات، لكنها ستكون مؤقتة”. وتزامن هذا التحذير مع شكاوى من بعض المستخدمين بشأن فرض قيود مؤقتة على عدد الصور التي يمكن رفعها يوميًا داخل التطبيق.
تجربة آمنة
بالتوازي مع التطوير التقني، كشفت OpenAI عن مجموعة من التحديثات الجوهرية التي تهدف إلى جعل تجربة ChatGPT أكثر أمانًا، خصوصًا في التفاعلات الشخصية والمعقدة نفسيًا. وتضمنت التعديلات تدريب النموذج على التفاعل بما وصفته الشركة بـ”الصدق الواقعي”، بعد أن لاحظ المستخدمون سلوكًا مفرطًا في الإيجابية من نموذج GPT-4o، دفعه أحيانًا إلى قول ما يرضي المستخدم بدلًا من تقديم المعلومة الدقيقة.
ومن أبرز الإجراءات التي اتخذتها الشركة هو جعل المنصة الذكية أكثر وعيًا بالحالات النفسية الدقيقة، حيث يتم تطوير أدوات لرصد العلامات المحتملة على الاضطراب العاطفي أو الاعتماد النفسي على الذكاء الاصطناعي، مع توجيه المستخدمين نحو موارد موثوقة ومبنية على أسس علمية.
كما أن الشركة أعلنت بدء إدراج تذكيرات بصرية خلال جلسات الاستخدام الطويلة لتشجيع المستخدمين على أخذ استراحات، ما يهدف للحد من الإفراط في الاعتماد على ChatGPT، مشيرة إلى أنها لا تسعى إلى دفع المستخدمين نحو قضاء وقت أطول، مع ضمان إنجاز المهام التي يأتون للقيام بها على متن المنصة الذكية.
وستعمل الشركة على تغيير سلوكيات ChatGPT وأسلوبه في التعامل مع الأسئلة العاطفية أو المصيرية التي يطرحها المستخدم عليه.
فعلى سبيل المثال، إذا سأل المستخدم “هل يجب أن أنفصل عن شريكي؟”، فإن النموذج لن يقدّم إجابة مباشرة، بل سيحاول مساعدته على التفكير في القرار، من خلال طرح أسئلة ومساعدته على وزن الإيجابيات والسلبيات.
ولضمان موثوقية هذا التوجه الجديد، أعلنت OpenAI عن تعاونها مع أكثر من 90 طبيبًا في 30 دولة، من بينهم أطباء نفسيون وأطباء أطفال وأخصائيون في الطب العام، لبناء معايير دقيقة لتقييم المحادثات المعقدة.
كما تعمل الشركة مع باحثين في مجال التفاعل الإنساني الحاسوبي (HCI) ومعالجين نفسيين لاختبار النماذج تحت ظروف صارمة، وقياس سلوكيات الذكاء الاصطناعي في المواقف الحساسة. إضافة إلى ذلك، تم إنشاء لجنة استشارية دائمة تضم خبراء في الصحة النفسية وتنمية المراهقين، لضمان توافق السياسات مع أحدث الأبحاث والممارسات الفضلى.
وفي نفس السياق، أشار ألتمان في تغريدة نشرها مؤخرا إلى أن الشركة تعمل على التجهيز إطلاق مجموعة واسعة من الابتكارات تشمل نماذج ذكاء اصطناعي جديدة، ومنتجات متطورة، وميزات محسّنة ستغيّر من تجربة المستخدمين مع المنصة.
لكنه في الوقت نفسه، دعا المستخدمين إلى التحلّي بالصبر، إذ حذّر من احتمال مواجهة بعض الاضطرابات المؤقتة في الأداء نتيجة “ضغوط السعة” المرتبطة بالطلب المتزايد، موضحًا: “نرجو منكم التحلّي بالصبر في ظل بعض العقبات المحتملة وضغوط السعة التي قد تواجهنا. قد تكون التجربة غير مستقرة بعض الشيء، لكننا نعتقد حقًا أنكم ستحبّون ما أعددناه لكم!”.
يرجح هذا التصريح بأن GPT-5 سيكون النموذج الأكثر تقدمًا من OpenAI، ما يجعل الإقبال عليه متوقعًا على نطاق واسع، ويضع ضغوطًا تشغيلية متزايدة على البنية التحتية للشركة، لذلك من المرجح أن يكون إطلاقه حذراً بعض الشيء وإتاحته ستكون محدودة على مستوى المستخدمين، نظراً لقدراته الفائقة التي سيكون لها تبعات على البنية التحتية الحاسوبية للشركة وكذلك السلامة العقلية للمستخدمين.