تكنولوجيا و علوم

OpenAI تطلق رسمياً نموذج GPT-5.. تعرف على مزاياه

أطلقت OpenAI، الخميس، الجيل الجديد من نماذج الذكاء الاصطناعي تحت اسم GPT-5، والذي يُمثّل قفزة نوعية في قدرات التعلم الآلي والفهم اللغوي والإدراك البصري، حيث تعتبر الشركة نموذجها الجديد بأنه الأكثر تطوراً من بين جميع إصداراتها.

وقال الرئيس التنفيذي ومؤسس OpenAI سام ألتمان، خلال مؤتمر إطلاق الجيل الجديد، إن نموذج GPT-5 يتمتع بقدرة فائقة على التفكير المنطقي (Reasoning)، ومعالجة البيانات المتعددة، وتقديم استجابات دقيقة وموثوقة في مجموعة واسعة من المجالات، تشمل البرمجة، والصحة، والكتابة، والتصميم، إضافة إلى فهم الصور والفيديو والرسومات.

معمارية موحدة

ويعتمد نموذج GPT-5 على نظام موحد ذكي (Unified System) يجمع بين 3 مستويات من الأداء، فالمستوى الأول مصمم للاستجابة السريعة للأسئلة الشائعة والمباشرة، في حين أن المستوى الثاني، الذي يحمل اسم GPT-5 Thinking، يتعامل مع المشكلات الأكثر تعقيداً ويتطلب فترات أطول من التفكير لإنتاج إجابات دقيقة ووافية.

بينما الجزء الثالث من النظام، فيتمثل في موجّه لحظي ذكي (Real-Time Router) يُقرر تلقائياً أي نموذج ينبغي استخدامه، بناء على نوع المحادثة وتعقيد المهمة ومتطلبات الأدوات، بل وحتى نية المستخدم إذا أشار إليها في سؤاله مباشرة مثل قول: “فكّر بعمق في هذا الأمر” (Think hard about this).

وبهذه المعمارية الموحدة لنموذج GPT-5 تتخلى الشركة عن قائمتها لاختيار النموذج المناسب للمهمة التي يرغب في إنجازها باستفساراته، فسيحل النموذج الجديد محل جميع نماذج الشركة السابقة.

3 مجالات

ركزت OpenAI في تحسيناتها مع GPT-5 على 3 من أكثر استخداماتChatGPT  شيوعاً وهي البرمجة والكتابة والاستشارات الصحية.

وفي مجال البرمجة، يُعد GPT-5 الأقوى حتى الآن ضمن نماذج الشركة، حيث أظهر كفاءة واضحة في إنشاء الواجهات الأمامية المعقدة للتطبيقات والمواقع الإلكترونية، وتصحيح الأكواد البرمجية (Debugging) في المكتبات البرمجية.

وأوضحت الشركة، خلال مؤتمرها، أن المستخدمين بإمكانهم تحويل فكرة بسيطة إلى موقع إلكتروني متكامل أو لعبة تفاعلية من خلال أمر واحد فقط، مع مراعاة الجوانب الجمالية والتفاعلية بشكل دقيق.

وأشار مختبرون مبكرون للنموذج إلى تحسن ملحوظ في فهمه للتباعد بين العناصر (Spacing)، واختيار الخطوط (Typography)، وتوظيف المساحات البيضاء (White Space) بطريقة متناغمة مع معايير التصميم العصري.

أما في مجال الكتابة، فقد أثبت GPT-5  قدرته على صياغة المحتوى باحترافية فائقة، إذ يمكنه تحويل أفكار أولية إلى نصوص متكاملة تتمتع بإيقاع لغوي وأسلوب أدبي يتناسب مع مختلف الأغراض، سواء كانت رسمية أو إبداعية.

وبيَّنت الشركة، عبر موقعها على الإنترنت، قدرات النموذج في التعامل بسلاسة مع الأساليب الأدبية المعقدة مثل الشعر الحر (Free Verse) أو النثر ذي الإيقاع العروضي غير المنتظم (Unrhymed Iambic Pentameter)، ما يجعله مثالياً للصحافيين والكتّاب والباحثين على حد سواء.

أما الجانب الصحي، فقد شهد تحسينات كبيرة، حيث بات GPT-5 أكثر دقة وموثوقية في الإجابة عن الأسئلة المتعلقة بالصحة، متجاوزاً جميع النماذج السابقة للشركة في اختبارات تقييم الأداء الطبي مثل HealthBench، الذي يُقيّم قدرة النماذج على محاكاة تفاعلات طبية حقيقية وفق معايير يضعها الأطباء.

ويمكن للنموذج الآن شرح نتائج التحاليل الطبية بلغة مبسطة، وطرح تساؤلات استباقية تساعد المستخدم في استغلال وقت استشارته الطبية بشكل أفضل، لكنه في الوقت ذاته لا يحل محل الطبيب وإنما يعمل كداعم معرفي (Thought Partner) يعزز فهم المستخدم لحالته الصحية.

ولم يقتصر التحسين على الجوانب النصية فقط، إذ تفوّق GPT-5 أيضاً في التعامل مع المدخلات متعددة الوسائط (Multimodal Inputs)، بما في ذلك الصور، ومقاطع الفيديو، والرسوم البيانية، والبيانات العلمية، بفضل تفوقه على معايير متعددة مثل MMMU (Massive Multimodal Understanding). وبات بإمكان النموذج الآن تفسير العروض التقديمية، وتحليل الصور الطبية، وتلخيص المحاضرات المرئية بطريقة دقيقة وذات صلة بسياق الحوار.

إجراءات لتجربة الأمان

ولضمان سلامة المحتوى، واصلت OpenAI الاستثمار في جعل نموذجها الجديد أكثر دقة وموثوقية، خصوصاً عند تعامله مع الأسئلة المعقدة والمفتوحة التي لا تملك إجابات جاهزة.

وفي هذا السياق، أظهر GPT-5 تفوقاً ملحوظاً في قدرته على تقليل معدل الأخطاء المعلوماتية، أو ما يُعرف تقنياً بـ”الهلاوس” (Hallucinations).

فقد أظهرت الاختبارات أن النموذج الجديد، عند تفعيل خاصية التفكير العميق GPT-5 Thinking، قلل من معدل تقديم معلومات خاطئة بنسبة تصل إلى 80% مقارنة بنموذج OpenAI o3، و45% مقارنة بنموذج GPT-4o، وذلك باستخدام بيانات مجهولة الهوية تمثل سلوك المستخدمين الفعليين داخل منصة ChatGPT.

كما خضع GPT-5 لاختبارات خاصة على معايير مفتوحة المصدر مثل LongFact (للمفاهيم والأشياء) وFActScore (لقياس دقة الادعاءات)، حيث سجل النموذج انخفاضاً بمقدار ستة أضعاف في معدل الأخطاء عند استخدامه كأداة لتوليد محتوى طويل مبني على الحقائق.

ولم تقتصر التحسينات على تصحيح الأخطاء فحسب، بل شملت أيضاً زيادة الصدق المعلوماتي (Factual Honesty)، لا سيما في المهام المستحيلة أو غير المحددة أو التي تفتقر للأدوات المطلوبة.

وخلال إحدى التجارب، أزال الباحثون الصور من اختبار بصري يُعرف باسم CharXiv، لكن نموذج OpenAI o3 قدّم إجابات واثقة على صور غير موجودة بنسبة تجاوزت 86%. في المقابل، كانت نسبة استجابات GPT-5 التي وقعت في الخطأ نفسه لا تتجاوز 9%.

وأظهرت النماذج أن معدل الاستجابات المضللة (Deceptive Responses) في مهام مثل البرمجة غير القابلة للتنفيذ أو غياب العناصر البصرية الضرورية، تراجع من 4.8% في نموذج o3 إلى 2.1% فقط في GPT-5 Thinking، ما يعكس تحسناً ملحوظاً في قدرة النموذج على تحديد متى يتعذر إتمام المهمة، وتقديم شرح صريح للمستخدم حول حدود النظام.

وفي مثال واقعي على ذلك كان في محاولة المستخدم تفعيل وحدة الاتصال اللاسلكي Wi-Fi عبر أمر برمجي يتطلب التعامل مع ملف نظام غير متوفر في بيئة العمل الافتراضية.

أجاب النموذج السابق بأن العملية تمت، رغم عدم إمكانية تنفيذها فعلاً، أما GPT-5، فقد قدّم توضيحاً علمياً دقيقاً يشرح للمستخدم سبب تعذر تنفيذ العملية، وبيّن أن بيئة التنفيذ لا تحتوي على الجهاز المطلوب /dev/rfkill، مشيراً إلى كيفية تنفيذها في بيئة حقيقية على أنظمة Linux.

وعلى عكس النماذج السابقة التي اعتمدت على ما يسمى التدريب القائم على الرفض (Refusal-Based Safety Training)، والتي غالباً ما كانت ترفض الطلبات التي قد تنطوي على مخاطر بشكل قاطع، أدخلت OpenAI مع GPT-5 نظاماً جديداً يُعرف بـ”الاستجابات الآمنة” (Safe Completions)، ولا يكتفي هذا النموذج بالرفض، بل يقدّم تفسيرات شفافة وبدائل آمنة قدر الإمكان، حتى في المجالات الحساسة مثل الفيروسات أو الكيمياء الحيوية.

يُمكن للنموذج الجديد الآن تقديم إجابات جزئية أو توجيه المستخدم إلى معلومات عامة عند عدم إمكانية التعمق في الطلب، ما يجعله أكثر مرونة وقدرة على التعامل مع نوايا المستخدم الملتبسة، وتقليل حالات الرفض غير الضروري.

أظهرت التحسينات الجديدة أيضاً انخفاضاً كبيراً في ما يُعرف بـ”المداهنة الاصطناعية” (Sycophancy)، وهي ظاهرة تَبرز حين يُبالغ النموذج في الموافقة أو الإطراء على المستخدم.

وفي إصدارات سابقة، مثل GPT-4o، تسببت تحديثات معينة في جعل النموذج مفرطاً في الإيجابية والموافقة، وتمكنت OpenAI من خفض هذا السلوك في GPT-5 من 14.5% إلى أقل من 6%، من خلال تدريبات تستهدف تقليص هذا الميل، دون التأثير سلباً على جودة المحادثة.

كما تم تقليل استخدام الرموز التعبيرية غير الضرورية، مع زيادة التركيز على تقديم ردود فكرية مدروسة، تجعل الحوار أكثر قرباً من تفاعل بشري واقعي وهادئ.

وقدّمت OpenAI ضمن هذا الإصدار ميزة جديدة للمستخدمين تتمثل في اختيار شحصية النموذج قبل بدء التفاعل معه في محادثة، فيمكنهم الاختيار بين أربع شخصيات افتراضية، “الساخرة، والمستمعة، والروبوتية، والعالمة”، لتتناسب مع أسلوب تواصلهم، مع إمكانية التبديل بينها بسهولة من خلال إعدادات المحادثة.

إصدار “برو”

وللمهام التي تتطلب دقة أكبر وتفكيراً معمقاً، طرحت الشركة نموذجاً مخصصاً تحت اسم GPT-5 Pro، وهو إصدار متقدم يعتمد على قدرات حاسوبية أكبر، يتفوق في اختبارات الذكاء الاصطناعي الأصعب مثل GPQA (Graduate-Level Science Benchmark). وقد فضّله الخبراء بنسبة قاربت 68% على النسخة العادية في أكثر من ألف سيناريو واقعي، وسجل عدداً أقل من الأخطاء الجوهرية بنسبة 22%.

وابتداءً من اليوم، سيصبح GPT-5 النموذج الافتراضي للمستخدمين الذين سجلوا دخولهم في تطبيق أو موقع ChatGPT، ليحل مكان النماذج السابقة مثل GPT-4o وOpenAI o3.

ويتم تفعيل خاصية التفكير العميق (Extended Reasoning) تلقائياً عندما يكتشف النظام أن المهمة تتطلب مزيداً من التحليل، ويمكن للمستخدمين المشتركين في الباقات المدفوعة تفعيل النموذج المفكر يدوياً عبر كتابة “فكّر بعمق” (Think hard about this) ضمن الأمر النصي.

وقد بدأت الشركة بطرح النموذج تدريجياً لجميع المستخدمين، بمن فيهم مستخدمو النسخة المجانية، بينما يتمتع مشتركو باقات Plus، وPro، وTeam بحدود استخدام موسعة.

أما المستخدمون في المؤسسات التعليمية ChatGPT Edu والقطاع المؤسسي ChatGPT Enterprise فسيحصلون على إمكانية الوصول بحلول الأسبوع المقبل.

ولمن تجاوز الحد اليومي المسموح به في الخطة المجانية، سينتقل ChatGPT لاستخدام النموذج الأخف، وهو GPT-5 Mini، وهو إصدار أسرع وأخف (Lightweight Version) لكنه لا يزال يحتفظ بكفاءة عالية.

المصدر

زر الذهاب إلى الأعلى
error: