أخبار العالم

رسائل ضغط أميركية ضد نتنياهو… وردع ضد إيران

في حرب غير تقليدية، بدأت حرب الاغتيالات والاستهدفات والتفجيرات في دول المنطقة، فربطا بالعدوان الإسرائيلي  على قطاع غزة بالحرب على  جنوب لبنان، فإن قيادات فلسطينية وايرانية كانت ضحية العمليات الإسرائيلية  في الايام الماضية في دمشق والضاحية الجنوبية وصولا الى كرمان الإيرانية، حيث تم استهداف مهندس “طوفان الأقصى” صالح العاروري والقيادييْن في «كتائب القسام» سمير فندي (أبو عامر) وعزام الأقرع (أبو عمار)، إضافةً إلى 4 من كوادر الحركة (بينهم 3 لبنانيين، في منطقة المشرفية في بيروت  وصولا الى  الهجوم الإرهابي  الذي استهدفَ مَسيرات كانت تشارك في مراسم إحياء الذكرى الرابعة لاغتيال الجنرال قاسم سليماني في منطقة كرمان بالتوازي مع تفجيرٌ متعدّد العبوات قرب المقبرة، مرورا باغتيال القائد العسكري الإيراني الأكثر تأثيراً في سوريا، سيد رضي الموسوي.

 

 

لا شك ان هناك رغبة اسرائيلية مؤكدة ولدى رئيس وزراء العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالتحديد في بيع الرأي العام الاسرائيلي “انجازات” استخبارية كبديل عن الانجاز العسكري المتعثر في غزة، فهو يعتبر أن الرفض الأميركي لاشعال جبهة لبنان عسكرياً لا يشمل العمل الاستخباري والاغتيالات، كما أن حساباته تذهب إلى أن  استفزاز حزب الله نحو التصعيد الشامل سيجر  الولايات المتحدة حكماً الى المواجهة، وهي بكل تأكيد مقامرة خطرة ولعب عند حافة الهاوية، بحسب ما يؤكد الاستاذ الجامعي  والبحث في الشؤون العربية والدولية  اسامة دنورة ل” لبنان24″،  ويبدو ان زيارة وزير الخارجية  الأميركي أنتوني بلينكن بلينكن بعد اغتيال القيادي في حركة حماس صالح العاروري، والتسريبات الأميركية حول سحب القوة الضاربة البحرية وحاملة الطائرات جيرالد فورد، هي رسائل ضغط موجهة لنتنياهو حول خطورة اللعب الاسرائيلي عند حافة الهاوية، والحدود التي يمكن ان يصل اليها الدعم الأميركي.

 

الامر نفسه ينطبق على خيارات إسرائيل في اغتيال  رضي الموسوي، إلا أن ما يتصل بتفجير كرمان وقصف مواقع الحشد الشعبي   قد يكون مختلفًا في الجزئية الجيوبوليتيكية ولكنه يبقى ذاته ضمن الاطار العام. وهنا يتحدث  دنورة، عن رسائل ردع أميركية موجهة ضد ايران إن عبر الفعل العسكري المباشر في ما يتعلق باستهداف الحشد الشعبي، وإن عبر الوكلاء في تفجيري كرمان، ويبدو ان واشنطن استدرجت رغماً عنها  لتدخل طرفاً في توسيع المواجهة التي يمكن ان تتحول الى خسارة استراتيجية لها إذا ما مضت حكومة محمد شياع السوداني  نحو انهاء التواجد الأميركي على الارض العراقية.

هذا التدحرج المتدرج في التصعيد من قبل “محور المقاومة” سيربك بلا ريب الحسابات الأميركية، وهو يمثل مدرسة متقدمة في إدارة قواعد الاشتباك السياسي، الامر الذي قد يشكل دافعاً قوياً لدى ادارة الرئيس جو بايدن لرفع منسوب الضغط على حكومة نتنياهو تفادياً للمزيد من الخسائر الأميركية سياسياً وميدانيًا لاسيما ان الانكفاء الأميركي عن العراق سيؤدي حكماً الى اضعاف التواجد الأميركي في سوريا، وسيحرمه من اي عمق استراتيجي، فالتواجد الداعم للحالة الانعزالية في الشمال الشرقي السوري لا يمكن له ان يجد في القواعد الأميركية في تركيا عمقا استراتيجيا بديلاً لاسباب معروفة، وهو ما سيؤدي بالتالي الى اضعاف الموقف الأميركي في المنطقة برمتها، يقول دنورة.

ونتيجة لكل السياق السابق احجمت إسرائيل عن التبني العلني لاغتيال العاروري رغم ان مسؤوليتها مؤكدة، ومرد ذلك، وفق الباحث في الشؤون العربية والدولية، أن حكومة نتنياهو تسعى إلى تقليص مفاعيل الخلاف المفترض مع الولايات المتحدة حول فصل مسار التصعيد الاستخباري عن المحاذير الأميركية المتعلقة بالتصعيد العسكري.

 

 

وسط ما تقدم،  فإن الرد المتوقع من قبل “حزب الله” (والذي بدأت تتظهر معالمه أمس) سوف يظهر، وفق دنورة، من خلال توسيع الاشتباك افقياً وليس شاقولياً، وبذلك يقترب الحزب من حافة الهاوية بطريقة ذكية ومحسوبة، فهو سيوسع نطاق الاشتباك والاستنزاف ضمن إطار مشهد “الصراع المنخفض الشدة”، دون أن يذهب  نحو اشعال المواجهة الشاملة، وهو بذلك يكون قد أعاد الكرة الى الملعب الاسرائيلي، وأفشل محاولات التصعيد  الاسرائيلي الشامل، وأعاد تجديد مفاعيل الخلاف بين نتنياهو وادارة بايدن، وتصرف بالوقت ذاته كقوة مسؤولة وحكيمة بالمنظور الدولي.

والواقع إن “حزب الله”، كما يقول دنورة ليس جزءاً من الرد على تفجيرات كرمان، لأكثر من سبب، ففيما يتعلق بالعامل الايراني الذاتي، وعندما تم اغتيال  القائد  سليماني، ردت ايران بقوتها الصاروخية الضاربة على الولايات المتحدة بصورة مباشرة ومعلنة، فهي بهذه الحالة وحالة تفجيرات كرمان تعتبر ان الرد مسألة كرامة وطنية، و لا يمكن إلا أن يكون مباشراً وصريحاً وليس عبر الطلب من الحلفاء.

 

 

اما في ما يتعلق بالعامل اللبناني، فتخضع قواعد الاشتباك الى الحساب الدقيق، ومن هنا فالحسابات على الجبهة اللبنانية ليست محكومة بردود الافعال، انما بترتيبات مركبة ومعقدة تستهدف تحقيق نصر كبير على العدو الاسرائيلي في السياسة والميدان على حد سواء، يضاف إلى ذلك كله أن تبني تفجيرات كرمان جاء من قبل تنظيم داعش، وهو ما يجعل البصمة الاستخبارية الأميركية والرسائل المتعلقة بالمواجهة مع قوى المقاومة على الساحة العراقية وفي ما يتعلق بتفجيرات كرمان) أكثر مباشرة ووضوحاً من البصمة الإسرائيلية، رغم التحالف المؤكد في الاطار الاستراتيجي يؤكد دنورة.

 

لبنان ٢٤

تابع كل المواضيع و الأخبار التي تهمك الان على واتساب اضغط على الرابط التالي https://n247.co/wp

قد يهمك أيضاً
زر الذهاب إلى الأعلى
error: